رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

الجزء الثاني من الهروب الكبير، اختفاء البشير يجدد زلزال ”الانقلابات الباهظة”!

المصير

الأحد, 24 مارس, 2024

10:06 م

حتى وهو بعيد عن الحكم، لا يتخلي الرئيس السوداني السابق عمر البشير عن إدمان "بؤرة الضوء" ليخطف الأنظار مجددا بعد أن سحب الصراع بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع البساط من تحت قدميه .. فلايزال لغز اختفائه يثير الجدل والقلق، ويبحث الملتفون حول السلطة عن إجابات لفيلم الهروب الكبير الذى بدأ أول أجزائه بانتقال البشير بقرار طبي إلى المستشفى العسكرى فى مدينة أم درمان من السجن المركزى فى "كوبر" .. وبعد اندلاع المعارك فى الخرطوم بأسبوعين فر معاونو البشير من أركان نظامه، وانشغل الجميع بهذا المشهد الذى أفسح الطريق أمام البشير للتخطيط للجزء الثانى من الهروب!.

قبعة الاختفاء!!

وأثناء اندلاع الحرب الأهلية فى السودان منتصف أبريل 2023، كان البشير وثلاثة من كبار قادة نظامه، هم نائبه بكري حسن صالح ووزير دفاعه عبدالرحيم محمد حسين وعضو نظام "الإنقاذ" أحمد الطيب الخنجر، محتجزين بمستشفى علياء العسكري، تحت سيطرة الجيش، وتحديداً داخل السلاح الطبي في مدينة أم درمان.
وآنذاك، فرضت قوات "الدعم السريع" عليهم طوقاً محكماً من الحصار، لكن بعد نحو أسبوعين من اندلاع الحرب، فر العشرات من قادة النظام المعزول المحتجزين من سجن كوبر المركزي، في منطقة الخرطوم، كما اختفى أي أثر للمجموعة الموجودة في المستشفى العسكري المحاصر .. ومنذ ذلك التاريخ تتضارب الأنباء عن مكان البشير وأعوانه، وتصاعدت المخاوف من احتماليةتكوين تنظيم سياسي جديد يتحالف مع أحد طرفي الصراع ويشعل الوضع أكثر فى كل ربوع البلاد رغبة من البشير فى العودة إلى الكادر أو تحريك الأمور من وراء الستار!.

قائد الانقلابات

وتعود بنا الأحداث الأخيرة إلى تاريخ البشير الطويل والعريق كسياسي وعسكري، استولى على السلطة بانقلاب عسكري عام 1989، وصدرت بحقه مذكرة اعتقال دولية من المحكمة الجنائية الدولية وهو في عنفوان السلطة، وانفصل الجنوب عن السودان بدولة مستقلة في عهده بعد أن رجحت كفة الانفصال عن الشمال في استفتاء.

عباءة الإسلاميين

وحصل البشير على الماجستير في العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان عام 1981، ثم الماجستير في العلوم العسكرية من ماليزيا عام 1983، ثم زمالة أكاديمية السودان للعلوم الإدارية عام 1987، ورغم خلفيتة العسكرية الثرية لا لايخفي البشير انتماءه للتيار الإسلامي، وأبلغ دليل تجسد فى انقلاب 30 يونيو 1989 ضد حكومة الصادق المهدي، وسُمي "ثورة الإنقاذ" والذى دعمه الإسلاميون .. وقضي البشير القسط الأكبر من حياته بين ثكنات الجيش الذي التحق بصفوفه في سن مبكرة، وارتقى في سلمه إلى أعلى الدرجات، بل كان بوابته إلى الرئاسة عبر الانقلاب العسكري.
في بدايات حكمه.

مأزق الجنوب

وكان البشير يرفض التنازل عن قضيتي علاقة الدين بالدولة ومنح الجنوبيين حق تقرير المصير، لكن عندما واجهت البشير ضغوط داخلية متمثلة في اشتداد حدة الحرب الأهلية في الجنوب، وأخرى خارجية تقودها إريتريا وأوغندا بتقديمهما الدعم العسكري للمعارضة الجنوبية والشمالية (التجمع الوطني) المسلحة، إضافة إلى الضغوط الأميركية، حاول البشير تخفيف الضغوط فوقع اتفاقا للسلام عام 1996 مع مجموعة رياك مشار بعد انشقاقها عن جون جارانج عام 1991.

مسمار دارفور فى نعش البشير

وبينما تواصلت الجهود الدولية للوساطة بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان، لتهدئة الأوضاع، لاحت فى الأفق محنة النزاع حول إقليم دارفور غرب السودان، وصولا إلى تدخل مجلس الأمن ابتداء من 2001 بفرض مجموعة من العقوبات الاقتصادية على السودان، وحظر السفر على بعض المسؤولين في الحكومة اتهمهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور، مما هز عرش البشير فوق السلطة.

مطلوب دوليا!

وفي 14 يوليو 2008، طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وقتذاك لويس مورينو أوكامبو من قضاة المحكمة إصدار مذكرة اعتقال بحق البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة فى دارفور، وشهد تاريخ "4 مارس 2009" تسجيل البشير ثالث رئيس دولة تصدر "الجنائية الدولية" مذكرة اعتقال بحقه بعد رئيس ليبيريا السابق تشارلز تايلور، والرئيس السابق ليوجوسلافيا سلوبودان ميلوسوفيتش .. ومنذ ذلك اليوم، والرئيس السودانى السابق فى سباق مع الزمن لمقاومة السقوط وإشهار إفلاسه السياسي حتى اندلاع المظاهرات الشعبية المطالبة برحيله مع اجتياح رياح الربيع العربي منطقة الشرق الأوسط، وصار الآن يسير فى مسار الهروب من المحاكمات والملاحقات القانونية ما بين السجن والمستشفيات والمخابئ المجهولة بحثا عن دور جديد فى اللعبة السياسية، أو استرداد البطولة المفقودة!!